بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى صحبه الكرام وآله وسلم
فإن الجهمية وبعض جهلة المتأخرين ومن اشتبه لديهم الأمر أنكروا تلك الفضيلة الثابتة ، وسأبين ثبوتها في نقاط
١-
إثبات إسناد أثر مجاهد :
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُجْلِسُهُ عَلَى عَرْشِهِ»
وهذا إسناد صحيح ثابت ، وإعلال بعض الجهال له بليث ليس بشيء فليث إنما روايته عن مجاهد من كتاب
قال الإمام سفيان بن عيينة: "لم يسمعه أحد من مجاهد إلا القاسم بن أبي بزة أملاه عليه، وأخذ كتابه الحكم وليث وابن أبي نجيح"
وهنا يبعد خلطه أو غلطه لأن الرواية مكتوبة لديه
وقد صححه الإمام أحمد وكل الأئمة
قال الإمام أبو بكر الخلال
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَرُدُّهَا الْجَهْمِيَّةُ فِي الصِّفَاتِ، وَالرُّؤْيَةِ، وَالْإِسْرَاءِ، وَقِصَّةِ الْعَرْشِ، فَصَحَّحَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ: " قَدْ تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ، نُسَلِّمُ الْأَخْبَارَ كَمَا جَاءَتْ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا اعْتَرَضَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ كَمَا جَاءَتْ فَقَالَ: يُجْفَى، وَقَالَ: مَا اعْتِرَاضُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، يُسَلِّمُ الْأَخْبَارَ كَمَا جَاءَتْ؟ "
وقصة العرش هي جلوس النبي على العرش
٢-
هل قول مجاهد حجة ؟!
مجاهد رحمه الله قوله هنا أخذه قطعا من ابن عباس ولا يحتمل غير هذا
قال ابن تيمية رحمه الله : «وَمِنْ التَّابِعِينَ مَنْ تَلَقَّى جَمِيعَ التَّفْسِيرِ عَنْ الصَّحَابَةِ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أُوقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهُ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا وَلِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ : إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ وَلِهَذَا يَعْتَمِدُ عَلَى تَفْسِيرِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي التَّفْسِيرِ يُكَرِّرُ الطُّرُقَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ »
قال هارون بن معروف رحمه الله :«فَبَلَغَنِي أَنَّ مَسْلُوبًا مِنَ الْجُهَّالِ أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَنَظَرْتُ فِي إِنْكَارِهِ، فَإِنْ كَانَ قَصَدَ مُجَاهِدًا، فَابْنَ عَبَّاسٍ قَصَدَ، وَإِنْ كَانَ لِابْنِ عَبَّاسٍ قَصَدَ، فَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ، فَبِاللَّهِ كَفَرَ»
٣-
إجماع الأئمة وأقوالهم في المنكرين وتجهيمهم وتضليلهم :
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ: «مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فَسَكَتَ فَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَكَيْفَ مَنْ طَعَنَ فِيهَا؟»
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّقِيقِيُّ:« مَنْ رَدَّهَا فَهُوَ عِنْدَنَا جَهْمِيُّ، وَحُكْمُ مَنْ رَدَّ هَذَا أَنْ يُتَّقَى »
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: «لَا يَرُدُّ هَذَا إِلَّا مُتَّهَمٌ»
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: «الْإِيمَانُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالتَّسْلِيمُ لَهُ»
وَقَالَ إِسْحَاقُ لِأَبِي عَلِيٍّ الْقُوهُسْتَانِيِّ: «مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ جَهْمِيُّ »
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ لِلَّذِي رَدَّ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ فَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى الْإِسْلَامِ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْأَصْبَهَانِيُّ: «هَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَ بِهِ الْعُلَمَاءُ مُنْذُ سِتِّينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، وَلَا يَرُدُّهُ إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ»
وَقَالَ هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ:« وَمَا يُنْكِرُ هَذَا إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ»
قَالَ هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ: «هَذَا حَدِيثٌ يُسَخِّنُ اللَّهُ بِهِ أَعْيَنَ الزَّنَادِقَةِ»
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيّ : «مَنْ رَدَّ هَذَا فَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ، وَزَعَمَ أَنَّ مَنَ قَالَ بِهَذَا فَهُوَ ثَنَوِيُّ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَالتَّابِعِينَ ثَنَوِيَّةٌ، وَمَنْ قَالَ بِهَذَا فَهُوَ زِنْدِيقٌ يُقْتَلُ»
٤-
دلالة التلقي بالقبول عند أهل الإسلام :
قال ابن تيمية رحمه الله :«مَا تَلَقَّاهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ وَالْعَمَلِ مِنَ الْأَخْبَارِ فَهُوَ مِمَّا يَجْزِمُ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ بِصِدْقِهِ عَنْ نَبِيِّهِمْ هَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ وَعَامَّةِ الطَّوَائِفِ»
والله الموفق